قصة مشروع الجرة الملكية المكسورة

المقدمة: 

قصة مشروع الجرة الملكية المكسورة

قصة ساخرة تحكي عن لصوص لا تطالهم يد العدالة ويبقوا في أعين الناس سادة موقرين و لصوصاً محترمين . هي قصة الجرة التي كلفت الدولة ثمناً باهضاً بفعل الموظفين الفاسدين الذين ينفذون أوامر ملكية بفهم مجنون وبشكل لا مسؤول تحث ذريعة المشروع الملكي.

جولة الملك في أرجاء المملكة

القصة بدأت عندما قام ملك بجولة تفقدية لأرجاء مملكته. وبينما هو يمر على قرية نائية، إذ تفاجأ بأن أهل القرية يشربون مباشرة من الترعة أي من جدول ماء شأنهم شأن البهائم. فاستنكر الأمر وأمر بوضع جرة ماء كبيرة وسط القرية ليشرب منها السكان. ثم مضى ليكمل جولته ..
وفوراً أمر رئيس الوزراء بـشـراء جرة فخار كبيرة ووضعها وسط القرية ليشرب منها الناس ..
وبعد أن وصلت الجرة إلى المكان المخصص لها. قال أحد الموظفين: هذه الجرة اشتريت من المال العام و هي عهدة حكومية وأمر ملكي.. فلابد من تعيين سقاء يملأها كلما نقص ماءها وكذلك حارس يقوم بحراستها.

قصة مشروع الجرة الملكية المكسورةقصة مشروع الجرة الملكية المكسورة

وما دام الأمر جاء من السلطان . فليس من اللائق أن يكون هناك تهاون في عمل هذه الجرة . لذلك يجب تعيين 7 حراس و7 سقائين للعمل بنظام التبادل خلال الأسبوع ليلاً ونهاراً.

ويستمر مسلسل الفساد ..

فتحرك موظف آخر أخذته الحمية والغيرة على مصلحة الوطن فقال: هذه الجرة الملكية يجب أن تكون محمية بشكل جيد ، لذلك لا بد أن يكون لها غطاء وكوباً من نفس الفخار أيضاً بالإضافة إلى حمالة ترفعها من الأرض .. وهذا يحتاج إلى تعيين فني صيانة مختص إلى جانبه مساعد محترف .
وبينما التعيينات سارية في التنفيد على قدم وساق، تقدم موظف وزاري آخر. وهو خبير متمرس و صاحب نظرة ثاقبة وبعيدة المدى فقال:
طيب ، من سيقوم بتسيير مرتبات هؤلاء الموظفين الجدد وترتيب مهامهم وضبط ساعاتهم الاضافية وعطلهم السنوية وانخراطهم في صندوق الضمان الاجتماعي .لابد من إنشاء إدارة محلية للحسابات وتعيين محاسبين بها ليصرفوا للعمال مرتباتهم بانتظام ..
ثم تدخل خبير أخر بالقول : كل هذا جيد ولكن من يضمن أن هؤلاء الموظفين سيشتغلون بانتظام ودون إهمال؟ فلا بد لهم من مفتشين ومراقبين يضبطون سير العمل لكل من السقائين والحراس والفنيين والمحاسبين. لذلك ، يجب إنشاء إدارة لشؤون المستخدمين ووتوفير دفاترمخصصة لتسجيل الحضور والانصراف لكل العاملين.

الأمر الملكي يستجوب المزيد من الفساد

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، إنه أمر ملكي ولا بد أن يتم الاحاطة بكل الجوانب لضمان فعالية الجرة بشكل يليق بالمشاريع الملكية. فقد تدخل موظف سامي وقال : لقد غفلتم أمراً مهماً ، ولا بد من الاشارة إليه ، تصوروا لو حصلت بعض التجاوزات أو منازعات بين العمال من سيفصل فيها؟ أرى أنه من الأرجح والمفيد إنشاء إدارة الشؤون القانونية للتحقيق في قضايا العمال المخالفين والفصل بين المتنازعين .
وبعد أن تم الاتفاق على إنشاء هذه المنظومة التي ستقوم برعاية الجرة الملكية تدخل موظف سامي آخر وقال: كل هذا جميل وجيد ، لكن من سيرأس كل هؤلاء الموظفين ؟ إن الأمر يتطلب انتداب موظف كبير برتبة مدير ليدير العمل. ولديّ أخ خريج كلية التسيير والتدبير وله تجربة سنين في هذا المجال ، يمكنه أن يقوم بهذه المهمة . المهم، اتفق الجميع وحرروا محضراً بهذا الشأن وخصصوا لذلك ميزانية كبيرة صادق عليها الوزير الأول وبدأوا العمل.

عودة الملك إلى القرية

وبعد مرور حوالي سنة.. قام الملك كعادته بجولة تفقدية لأرجاء مملكته، وحصل أن مر بنفس القرية أي قرية الترعة والجرة، ففوجئ بوجود مبنىً فخماً وشاهقاً مبني بتصميم حديث ومضاءٍ بأنوارٍ كثيرة ، تعلوه لافته كبيرة كتب عليها *الإدارة العامة لشئون الجرة !!*
دخل الملك المبنى ، فإذا به يجد غرفاً كثيرة وقاعات اجتماعات ومكاتب فاخرة. فتقدم أكثر، فوجد رجلا مهيباً مرتب الشعر ببذلة عصرية ورابطة عنق من النوع النفيس تفوح منه رائحة العطر الفرنسي المشهور يجلس على مكتب كبير وأمامه لافته مكتوب عليها : السيد الدكتور المبجل “مدير عام شـئون الجرة الملكية ” ..

الملك يكتشف سلسلة الفساد في مملكته

فتساءل الملك مندهشاً عن سر هذا المبنى؟ وهذه الإدارة الغريبة التي لم يسمع بها من قبل فأجابه المستشار الملكي:
بأن كل هذا للعناية بشؤون الجرة التي أمرت بها للناس في العام الماضي يا مولاي!
اندهش الملك لما رأى وذهب ليتفقد الجرة وهو يظن انها ستكون من الذهب الخالص مقارنة بالادارة المخصصة لها، فكانت المفاجأة أن وجدها من الفخار ، فارغة ومكسورة وبداخلها “فأر ميّت” وبجانبها حارس وسقاء نائمين وبجانبهما لافتة مكتوب عليها: *(تبرعوا لإصلاح الجرة)* مع تحيات الادارة العامة لشئون الجرة !!
قد تبدو لك القصة ساخرة ومضحكة، ولكنها تصور واقعاً تعيشه أقطاراً كثيرة في مجتمعاتنا الفاسدة .

قصة مشروع الجرة الملكية المكسورة

قناتي على اليوتوب

روابط قد تهمك: 

شارك الموضوع
إذا أعجبك المقال ،لا تَقْرَأْ وتَرْحَل، وتُحَمِّل وتَرْحَلْ … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 464 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

1 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top