قصة الطفلة بائعة الخبز

من قصص النجاحات: قصة الطفلة بائعة الخبز

المعلم وبائعة الخبز

اليوم سأحكي لكم قصة شيقة ومؤثرة جرت أحداثها في جمهورية السودان لأحد المعلمين . يقول هذا المعلم : أنه كان يُدَرِّس فى مدرسة للبنات فى الصف الثالث الابتدائي ، وفي كل يوم كان يطل من النافذة فيرى فتاة جميلة تكسوها البراءة التي يشرد فيها المتأمل . و من ملامحها تبدو فقيرة وهي في سن التمدرس .. لكنها للأسف لم تلتحق بالمدرسة ، بدل ذلك، كانت تبيع الخبز طول اليوم ، فوضعها المادي كان صعباً ، فهي من أسرة تتكون من أم وأربعة إخوة صغار ، والدهم توفي منذ سنة ونيف. فهي بهذا العمل تساعد أمها في مسؤوليات البيت . فالأم تهتم بالصغار وتعجن الخبز وتطبخها لتبيعها هذه البنت أمام المدرسة . فالطفلة لا تعرف شيئاً في هذه الحياة سوى أنها ولدت لتبيع الخبز وكفى .. لم تدرك بعد انه كان عليها أن تلتحق بالمدرسة لتتعلم مثل فتيات العالم ..

قصة الطفلة بائعة الخبز

يكمل الاستاذ قائلاً: كنت أشرح للطالبات دروساً في الرياضيات وبائعة الخبز تتابعني من خلف النافذة ، حتى حدث يوماً أن سألتُ الطالبات سؤالاً صعباً ولصعوعبته خصصت له جائزة ، فعجزت كل الطالبات عن الجواب ، وإذا بصوت يشق صمت الفصل « أستاذ .. أستاذ .. » إن الصوت قادم من خلف الشباك . التفت ، فإذا بها بائعة الخبز تطلب الإذن بالجواب . وعلى الفور أذنت لها .. أجابت الفتاة ! وكانت إجابتها صحيحة…!! تعجب الجميع ! وقدمت لها الجائزة .

قصة الطفلة بائعة الخبزقصة الطفلة بائعة الخبز

إلتحاق بائعة الخبز بالمدرسة

و منذ ذلك اليوم راهنت عليها ، فتكفلت برعايتها وبكل مايلزمها من مصاريف مدرسية على نفقتي ومن مرتبي ، واتفقت مع مدير المدرسة على أن يتم تسجيلها كطالبة بالمدرسة وتشارك بالإختبارات ، وأن يجعلها تبدأ من الصف الثالث كمستمعة لـتتعلم وتستدرك ما فات، فهي تتميز بذكاء عجيب تفتقده حتى الطالبات اللواتي يحضرن الدروس داخل الفصل ، كما أنني اتفقت مع جميع مدرسي المواد الأخرى على أن يقدموا لهذه البنت يد المساعدة والدعم اللازم لاستدراك ما قد يعرقل مواكبتها للمقرر الدراسي ، فأجمعوا على الموافقة رغم أن هذا القرار هو ضرب من المغامرة . أخبر المدرس والدتها بذلك ، وفرض على الفتاة أن تترك بيع الخبز وتتفرغ للتعليم ويتولى أحد اخوتها البيع بدلاً منها ..

تفوق الطفلة في الامتحانات

وكانت المفاجأة أنه عندما ظهرت نتائج الاختبارات ، كانت الفتاة متفوقة بالرتبة الأولى على صعيد المدرسة ، وسارت على هذا النهج برعاية الأستاذ وإشرافه اليومي عليها الى أن اوصلها إلى الصف الأول بالمرحلة الثانوية ..
وفي هذه المرحلة، غادر الاستاذ السودان للعمل بالخارج ، ولم يكن هناك هواتف في ذلك الوقت لكي يتابع أخبارها ، وقد كبر أحد إخوتها وعمل بعربة يجرها حمار لبيع الماء ونقل البضائع . وكان هو من يتكفل بمصارفها ، وانقطعت صلتها بالأستاذ لمدة اثنتي عشرة سنة ..
وبعد هذا الغياب الطويل عاد الأستاذ إلى السودان ، وكان لديه زميل تعرف عليه بالدولة التي كان يعمل فيها ، وكان لزميله هذا إبن يدرس الطب بجامعة الخرطوم ، فطلب منه أن يرافقه لحضور حفلة تخرج إبنه، وداخل الجامعة جلس الصديقان بعض الوقت في مقهى الكلية ، ينتظران ريثما يبدأ الحفل. وخلال هذا الوقت لاحظ الأستاذ أن فتاة على قدر من الجمـال تحدق فيه بشوق وقد تغيرت معالم وجهها عندما رأته ، وهو لم يعلم لماذا تحدق فيه بهذا التأثر ..!؟

بائعة الخبز أستاذة بكلية الطب

فسأل ابنَ صاحبه إن كان يعرف هذه الفتاة وأشار إليها خُفية ، فأجابه : نعم بالطبع أعرفها إنها بروفيسور معروفة في الكلية وهي تُدَرِّس طلاب كلية الطب دفعة السنة السادسة والأخيرة …
ثم سأل الطالب الأستاذ : وهل تعرفها يا عمو ..؟
قال : لا ولكن نظراتها لي غريبة ، كأنها تعرفني ..

وفجأة وبدون مقدمات أسرعت الفتاة نحوه بخطوات سريعة. واحتضنته وعانقته وهي تبكي بحرقة وبصوت لفت أنظار كل من كان بالكافتيريا ، وظلت تحضنه وتقبل يده ورأسه دون الاهتمام بجمهور الطلاب الذين كانوا يتابعون تصرفها ، حتى ظن الجميع أنه والدها ، و ما لبثت أن أجهشت بالبكاء حتى كاد أن يغمى عليها … فتم إسعافها على الفور …
فلما هدأت وتمالكت أعصابها ، نظرت إليه وقالت له : ألا تذكرني يا أستاذي ..؟ وكان الأستاذ جدَّ مندهشٍ مما تفعله هذهةالفتاة وهو لا يذكرها. فاسترسلت قائلة:
أنا البنت التي صنعتها بيدك وأنقذتها من الضياع وجعلت منها سيدة ناجحة ، أنا التي كنتَ السبب في دخولها إلى المدرسة وصرفت عليها من حر مالك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه ، وذلك بفضل الله ثم رعايتك وإهتمامك وموقفك الإنساني الفريد ، أنا إبنتك فلانة ( أنا بائعة الخبز بباب المدرسة ) … اغرورقت عناه وهو لا يصدق ما يرى.

النهاية

ثم دعته والذين معه ومجموعة من الزملاء إلى منزلها وهناك في البيت أخبرت أمها وإخوتها بالأستاذ الإنسان الذي وقف معهم وكان سبباً في تغيير مجرى حياتهم ، واحتفلت به الأسرة احتفالاً كبيراً ، وكانت مناسبة فرح وبهجة وسرور ، فألقى الأستاذ كلمة مقتضبة وعيناه تلمعان بدموع الفخر والاعتزاز حيث قال :
 صراحة ، هذه أول مرة أحس أنني فعلاً أحمل رسالة معلم و أتميز بقيم الانسانية.

فاصل

قناة رحيل الليل للقصص والحكايات قناة رحيل الليل

روابط قد تهمك: 

شارك الموضوع
إذا أعجبك المقال ،لا تَقْرَأْ وتَرْحَل، وتُحَمِّل وتَرْحَلْ … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 464 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

20 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top