قصة الرجل العبسي و الوليد بن عبد الملك

قصة الرجل العبسي و الوليد بن عبد الملك

الروايةالأولى:

رُوِيَ أنّ وفداً من بيني عبس دخل على الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان في مجلسه، وكان من بينهم رجلٌ كبيرٌ في السّن، أعمى، ويبدو عليه الاحترام والوقار  والصّبر والرزانة. ولسانة لا يفتر عن ذكر الله. فلفت المشهد انتباه الخليفة الوليد فسأله:

يا شيخ، ما أصابك في بصرك؟ هل هذا العمى صاحبك منذ الصغر، أم هو بعامل السن أم ماذا؟

فرد عليه الرّجل الشيخ: لا يا أمير المؤمنين!  لا هذا ولا ذاك ! فقد حدث لي أمر جلل تسبب في فُقدان بصري.

فقال الخليفة: قُصَّ عليَّ قصتك أيها الشيخ العبسي!

وكان الخليفة  وَلِعاً بمعرفة الأخبار  و شغوفاً بحكايا الناس وقصصهم.

قصة الرجل العبسي و الوليد بن عبد الملك

قصة الرجل العبسي و الوليد بن عبد الملك

فقال الرجل : يا أمير المؤمنين لم يكن أحد من بني عبس أغنى مني ، فقد كنت رجلاً ذو مالٍ وجاهٍ وأولادٍ وخيرٍ كثير، أعيش في هناءٍ وراحة بالٍ ، وكنت أسكن في وادِ بين مساكن قومي، وأعيش في الحلال والحمد لله، ففاجأنا ذات يوم سَيْلٌ عظيم  لم نرى مثله من قبل، فأخذا كل أموالي وعيالي، ولم يبقَ لديًّ سوى جملٌ واحدُ وطفلُ رضيع.

وبينما أنا جالس أمام الطفل، إذا بالجمل نفر هارباً، فَتَبِعْتُهُ لأنني لم أعد أملك غيره وخشيت أن أفقده. وبينما أنا أجري وراءه، إذا بي أسمع صوت الطفل من خلفي، فلما التفت إليه، فإذا برأسه في فم الذئب، فافترسه وقضى عليه. فلم يكن لي نصيب منه ، فرجعت أركض وراء الجمل، فلما وصلت إليه رمحني في وجهي أي ركلني في وجهي، فذهب بصري وذهب الجمل. فأصبحت في يوم واحد بلا مالٍ ولا أهلٍ ولا بصـرٍ.

فاستغرب القوم ممن لا يعرفونه، وتعجبوا أكثر من صبره وثباته ورزانته وهدوءه.

الرواية الثانية:

قصة الرجل العبسي و الوليد بن عبد الملك

 

 حين سأله الخليفة عن قصته الغريبة التي جعلته كفيف البصر، فقال فيما قال:

فخرجت يوماً بمالي وأهلي لأضرب في أرض الله تعالى أبتغي التجارة والرّبح رغبة في الثراء
وطمعاً في السّعة، فبينما أنا أسير في طريقي الى الشام إذ أدركني الليل، فآويت إلى وادٍ بين جبلين لأبيت فيه مع أهلي وأولادي.
وبينما نحن نائمون إذ هبط علينا سيل شديد من أعلى الجبل فلم أستيقظ من نومي إلا وقد غرق أهلي وأولادي وجرف السيل الهائل مالي ولم يبق من أولادي إلا أصغرهم ولم يبق من بعيري سوى بعير واحد، فقمت من فوري كالمجنون وحملت الطّفل على كتفي ورحت الى البعير لأنظر شأنه فلما رآني قريباً منه ولى مدبراً فوضعت الطفل من على كتفي فوق ربوة قريبة
وركضتُ خلف البعير لأرده فركلني برجله في وجهي فهشم أنفي وكسر أسناني فقمت خلفه مرة أخرى فإذا به يرفسني في وجهي ويفقأ عيني
فلم أستطع أن أواصل العدو خلفه، وعدت حزيناً لأتفقد طفلي الصغير حيث وضعته، فلما دنوت منه وإذا به يصرخ ويصيح وصوته يختنق ثم انقطع صوته وقد افترسه الذئب فلم أدركه حتى أصبح في بطن الذئب.
ففي ليلة واحدة يا أمير المؤمنين فقدت أهلي وسبعاً من أولادي وبعيري ومالي وتَحَوَّلْتُ من أعز الناس وأغناهم إلى أذلهم وأفقرهم وأضعفهم .

أرى أن هذه المواضيع قد تهمك:

أدعوك لزيارة قناتي

شَـاركِ الْمَوْضُوع: 
إذا أعجبك هذا المحتوى، فلا تَقْرَأْ وتَرْحَل … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء. وإِذَا كنت تعتقد أنه قد يكون مفيداً لأشخاص آخرين، فشَارِكْهَ على الشبكات الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 465 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

502 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top