قصة لا يحيق المكر السّيِّء إلا بأهله ، قصة مثيرة عن الغدر والخيانة والبقاء للأصلح.
جاء في كتاب « ألف قصة وقصة من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين » قصة مثيرة عن الغدر والخيانة ، بطلها جارية رسمت خطة شيطانية للإيقاع بأحد رجال قصر الملك .. وكان هذا الرجل يدعى أحمد اليتيم . معروف بالفطنة والصلاح. اتهمته الجارية بأنه أراد بها سوءً وما كان اتهامها سوى محاولة لإخفاء جريمتها . فأمر الملك بقتل أحمد اليتيم .. لكن ماذا حدث ؟
نشأة أحمد اليتيم في قصر الملك
يحكي أن حراس ملك وجدوا طفلاً متروكاً على قارعة الطريق ولم يُعرف له أم ولا أب. فالتقطوه وجاءوا به إلى الملك . فأمر السلطان بضمه إلى أهل بيته وسماه أحمد اليتيم. فترعرع بين الأمراء . وقد ظهرت عليه أمارات النجابة والفطنة والذكاء وحسن الخلق فهذبه الملك وعلمه، واصطفاه وقربه . فلما اشتد عظمه أسند إليه جميع أعماله وشئون قصره، و حدث يوماً أن أمره بأن يحضر له شيئًا من بعض حجراته، وحين دخل تلك الحجرة رأى جارية كانت مقربة من الملك في وضع مريب مع خادم من خدم القصر، فتوسلت إليه أن يكتم خبرها، وعرضت نفسها عليه، فقال: معاذ الله أن أخون الملك، وقد أحسن مثواي ، ثم تركها وانصرف.
قصة لا يحيق المكر السّيِّء إلا بأهله
قرار الملك بقتل أحمد اليتيم
الذي حدث هو أن الجارية ظلت في شك من أمرها . وخافت أن يفشي أحمد اليتيم سرها لأنه كان على صلة قوية بالملك . فقرر أن تستبق الأحداث قبل أن تنال عقاب الملك، فرسمت خطة شيطانية في ذهنها ثم ذهبت على عجل إلى الملك باكية شاكية تدعي التظلم عليها . فسألها عن سبب بكائها، فقالت: يا مولاي، إن أحمد اليتيم، راودها عن نفسها وهم أن يجبرها على فعل الفاحشة معه، فلما سمع منها الملك شكايتها غضب غضباً شديداً ، وهو الذي تكفل وربى و قدم الاحسان والرعاية الكاملة لأحمد اليتيم .ثم يكون جزاءه أن قابله بالغدر والخيانة في قصره، إن هذا لذنب لا يغتفر. و في أوج غضبه عزم الملك على قتل أحمد اليتيم.
لا يحيق المكر السَّيِّء إلا بأهله
فاستدعى السلطان كبير خدمه وقال له : إذا بعثت إليك أحداً بكذا أو كذا فاقتله على الفور، ثم ابعث برأسه إليّ . وبعد قليل استدعى الملك أحمد اليتيم وقال له: اذهب إلى فلان واطلب منه كذا وكذا “وكان الأمر الذي سيطلبه هو الاشارة والدليل ليقطع رأسه” فامتثل أحمد اليتيم وذهب، وفيما هو في طريقه لقي بعض الخدم، فأوقفوه لحكّموه في أمر اختلفوا فيه وطلبوا منه أن لا ينصرف حتى يحكم بينهم، فأخبرهم بما هو مكلف به.
فقالوا له: نبعث الخادم فلان ليحضر ما تطلب حتى تفصل في أمرنا، فأجابهم إلى ما طلبوا، وأرسل الخادم بدلًا عنه، ولم يكن الخادم إلا ذاك الذي وجده مع الجارية ، فلما ذهب إلى رئيس الخدم وأخبره برسالته . قام على الفور بفصل رأسه عن جسده وجاء به إلى الملك ، فلما كشف عنه الغطاء رأى رأساً غير رأس أحمد اليتيم ، فأمر بإحضار أحمد اليتيم . فما مثل أحمد اليتيم أمام الملك سأله عن خبر هذا الخادم، فأخبره بما حدث وكيف أنه ارسله بدلا منه .
عودة ثقة الملك بأحمد اليتيم
قال له الملك : أتعرف لهذا الخادم ذنباً؟ قال: نعم، إنه فعل كذا وكذا مع فلانة الجارية، وقد سألاني بالله ربي أن أكتم خبرهما. فلما سمع الملك ذلك سكن ما به من غل وحقد تجاه أحمد اليتيم وأمر بقتل الجارية، وأعاد إلى أحمد ثقته به واطمئنانه إليه.
قالوا قديمًا “من حفر حفرة لأخيه وقع فيها” و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله .
روابط قد تهمك: