قصة ذكاء الحمار وتتويجه بوسام
قصة ذكاء الحمار وتتويجه بوسام هي قصة ساخرة للكاتب التركي / عزيز نيسين
قصة اليوم غريبة ساخرة ومضحكة إلى حد الاحساس بالغبن والحسرة والقهر .
هي قصة حدثت في بلاد أصبح أهلها يتميزون بالوعي والإدراك والشجاعة حتى شملت كل فئات الشعب .
يحكى أن بقرة أرادت مقابلة السلطان، فجاءت تركض الي باب القصر ، وقالت لرئيس الحرس: أخبروا السلطان بأن بقرة من شعبه تريد مقابلته.
أراد الحراس صرفها وإبعادها عن القصر، لكنها تعنتت وبدأت تخور، لا أخطو خطوة واحدة من أمام الباب قبل أن أقابل مولاي السلطان.
أرسل رئيس البوابين للسلطان يخبره بأن بقرة من رعيتكم تطلب المثول أمامكم.
أجاب السلطان: إأذنوا لها بالدخول لنسمع شكواها ونقضي حاجتها .
تتويج بقرة
فلما مثلت البقرة أمام الملك، قالت : يا مولاي السلطان ، سمعت بأنك توزع أوسمة، أفلا تفضلتم بمنحي وساماً يكون اعترافاً منكم بخدماتي وفخراً لي أمام العالم.
تعجب السلطان و صرخ في وجهها: بأي حق تطلبين الوسام ؟ و ماذا قدمت للوطن والمواطنين حتى تستحقين هذا التتويج ؟
قالت البقرة: إذا لم أعط أنا وساماً فمن يعطى؟!،
تأكلون لحمي، و تشربون حليبي، و تلبسون جلدي، حتى روثي لا تتركونه، بل تستعملونه في الفلاحة وإشعال النار وأشياء أخرى ، أتنكرون علي كل هذا من أجل وسام ؟
وجد السلطان أن البقرة على حق، فأعطاها وساماً من المرتبة الثانية.
قصة ذكاء الحمار وتتويجه بوسام
علقت البقرة الوسام في رقبتها وانصرفت، و بينما هي عائدة من القصر، ترقص فرحاً بتتويجها إذ التقت بالبغل، الذي استغرب من إبداء فرحها ونشاطها فقال:
مرحباً يا أختي البقرة.
ردت: مرحبا يا أخي البغل.
يقول البغل: ما كل هذا الإنشراح؟ من أين أنت قادمة؟
شرحت البقرة كل شيء بالتفصيل، و عندما قالت أنها أخذت وساماُ من السلطان، هاج البغل وامتعض، و بهياجه بدأ يضرب الأرض بحوافره الأربعة، وقصد قصر السلطان.
وعند باب القصر،أخذ يصرُخ : أريد مقابلة مولانا السلطان.
قال الحارس : ممنوع.
إلا أنه و بعناده الموروث عن أبيه الحمار، أبى التراجع عن باب القصر، نقلوا الصورة إلى السلطان.
فقال السلطان: البغل أيضاً من رعيتي، إسمحوا له بالدخول ؟
تتويج البغل
مَثُل البغل بين يدي السلطان، ألقى سلاماً بغلياً، قبّل اليد و الثوب، ثم قدم طلبه يريد وساماً .
فسأله السلطان:
ما الذي قدمته حتى تستحق وساماً أنت أيضاً؟
فقال البغل : يا مولاي، و من ذا الذي قدم أكثر مما قدمت؟!!!
– ألست أنا من يحمل مدافعكم و بنادقكم على ظهره أيام الحرب؟
– ألست أنا من يركب أطفالكم و عيالكم على ظهره أيام السلم؟
بل، ألست أنا من يحمل متاعكم وأثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس؟
لولاي ما استطعتم فعل شيء.
رأى السلطان أن البغل على حق، فأمر بمنحه وساماً من المرتبة الأولى ، لتفانيه في خدمة البلاد والعباد .
وكما فعلت البقرة ، فقد علق البغل وسامه في عنقه ثم انصرف فرحاً مفتخراً بما توج به.
و بينما كان البغل عائداً من القصر يتبختر في مشيته بحوافره الأربعة ورأسه مرفوعاً إلى الأعلى. و هو في حالة فرح لا توصف، إذ التقى بالحمار.
خاطبه الحمار: مرحباً يا ابن الأخ.
رد عليه البغل: مرحباً أيها العم،
قال الحمار: أراك على غير عادتك في غبطة وانشراح، من أين أتيت و إلى أين أنت ذاهب؟
حكى له البغل حكايته بالتفصيل، وكيف أنه حصل على وسام من الدرجة الأولى .
حينها قال الحمار: ما دام الأمر كذلك، سأذهب أنا أيضاً إلى السلطان لأحصل على وسام.
ركض الحمار بحوافره الأربعة يدك الأرض دكاً حتى وصل إلى باب القصر.
أخذ ينهق بأعلى صوته يريد مقابلة الملك . حاول حراس القصر منعه من الدخول، لكنهم لم يستطيعوا صده من التقدم نحو باب القصر، فذهبوا إلى السلطان و قالوا له: مواطنكم الحمار يريد مقابلتكم ، هلا تفضلتم بقبوله أيها السلطان ، فقد ملأ الدنيا نهيقاً ؟
دخل الحمار إلى قصر الملك . فلما مثل أمام السلطان . سأله بتعجب : ما الذي جاء بك إلينا أيها المواطن الحمار؟
قال الحمار : جئت إليكم بعدما رأيت فخامتكم توزعون الأوسمة على الأبقار والبغال . وأردت أن أتوج أنا أيضاً بوسام . فقال السلطان و قد كاد أن يصعق: البقرة تنفع الوطن و الرعية بلحمها و حليبها و جلدها و روثها،
وإذا قلت البغل، فإنه يحمل الأحمال على ظهره في الحرب و السلم، وبالتالي فإنه ينفع وطنه،
فماذا قدمت أنت حتى تأتي بحمرنتك و تمثل أمامي دون حياء و تطلب وساماً؟
ما هذا الحمق الذي أصابك؟
تتويج وتشريف الحمار
تنحنح الحمار وقال مسروراً :
حفظ الله مولاي السلطان، إن أعظم الخدمات ، هي تلك التي تُقدم إليكم من مستشاريكم الحمير، فلو لم يكن الألوف من الحمير مثلي في مكتبكم، أفكنتم تستطيعون الجلوس على العرش؟!
هل كانت سلطتكم تستمر لولا الحمير؟!
و كذلك لو لم تكن رعيتكم من الحمير، فمن ستحكمون.
عندها أيقن السلطان أن الحمار الذي أمامه على حق ولا يمكن إلا أن يتوج واليكن تتويجه مميزاً، فقال له : أيها المواطن الحمار ، ليس عندي وسام يليق بخدماتكم الجليلة ، لذا سوف آمر بأن تفتح لك خزائن الاسطبل، لتغرف منها كما يغرف غيرك من الحمير…!!!
روابط قد تهمك: