قصة الملك مع ساقي الماء وورطة الوزير
يحكى أن ساقي ماء إسمه جميل، كان يتجول بجرته الطينية يبيع الماء للناس في الأسواق. و كان بشوشاً ونظيفاً وذا خلق حميد . ولذلك أحبه كل الناس . فأصبح يقصده الكبير والصغير والغني والفقير . وكان سمحاً في طبعه لا يطلب أجراً محدداً .. فأغلب الناس يشربون بلا مقابل والبعض يكرمه ويجود عليه نظير الأجر والثواب من سقاية الناس طول اليوم.
وصل خبر الساقي جميل إلى الملك ، فأمر وزيره بإحضاره إلى القصر ليكافئه على حسن صنيعه.
بحث عنه الوزير في الأسواق إلى أن وجده فأتى به إلى الملك
فلما التقى الملك بجميل قال له: من اليوم فصاعداً، لن تتجول في الأسواق .. فستشتغل داخل قصري وستعمل على سقي ضيوفي وتجلس بجانبي لتحكي لي طرائفك التي اشتهرت بها..
سُرَّ جميل فقال : السمع والطاعة لك يا مولاي..
عاد جميل إلى بيته وهو يكاد يطير فرحاً بعمله الجديد . وجاء زوجتَـه يبشرها بالخبر السعيد وبالغنى القادم. سعدت الزوجة بهذا الخبر وحمدت الله وأثنت عليه.
وفي الغد غسل جميل جرته ولبس أحسن ما عنده من لباس وقصد قصر الملك.
دخل جميل القصر . وكان مليئاً بالضيوف وبدأ بتوزيع الماء عليهم و حين انتهى جلس بجانب الملك ليحكي له الحكايات والطرائف المضحكة، وفي نهاية اليوم قبض ثمن تعبه وغادر إلى بيته.
وهكذا تغيرت حياته من التجوال في الأسواق طول اليوم في الحر والقر إلى الاشتغال داخل القصر . بقي على هذا الحال مدة من الزمن، إلى أن جاء اليوم الذي شعر فيه الوزير بالغيرة تأكل قلبه من المكانة التي أصبح جميل يحتلها عند الملك.
فخطط للإيقاع به وإبعاده عن الملك والقصر .
وفي الغد حين كان الساقي عائداً إلى بيته تبعه الوزير إلى باب القصر وقال له : يا جميل إن الملك يشتكي من رائحة فمك الكريهة.
تفاجأ الساقي وسأله : وماذا أفعل حتى لا أؤذيه برائحة فمي؟
فقال الوزير : أنصحك بأن تضع لثاماً حول فمك عندما تأتي إلى القصر.
قال جميل : حسناً سأفعل.
قصة الملك مع ساقي الماء وورطة الوزير
وعندما أشرق صباح اليوم التالي، وضع الساقي لثاماً حول فمه وحمل جرته واتجه إلى القصر كعادته. فاستغرب الملك من هيأته تلك، لكنه لم يعلق على ما رأى.. واستمر جميل يلبس اللثام كلما دخل القصر،إلى أن جاء اليوم الذي سأل فيه الملك وزيره عن سبب وضع جميل للثام,
فقال الوزير : أخاف يا سيدي إن أخبرتك قطعت رأسي.
فقال الملك : لك مني الأمان فقل ما عندك.
قال الوزير : لقد اشتكى جميل الساقي من رائحة فمك الكريهة يا سيدي.
انزعج الملك وذهب عند زوجته فأخبرها بما قال الوزير.
فقالت : من تجرأ على قول هذا الكلام ، يُـقطع رأسه غداً ليكون عبرة لكل من سولت له نفسه الانتقاص من مهابة الملك.
قال لها : ونعم الرأي ما نطقتِ به.
وفي الغد استدعى الملك الجلاد وقال له : من رأيته خرج من باب قصري حاملا باقة من الورد فاقطع رأسه.
و في صباح الغد حضر الساقي إلى القصر وقام بتوزيع الماء كعادته . وحين حانت لحظة ذهابه أعطاه الملك باقة من الورد هدية له, شكره جميل وخرج. وأثناء خروجه التقى بالوزير فقال له : من أعطاك هذه الورود؟
قال جميل: مولاي الملك. فقال له أعطني هذه الباقة فأنا أحق بها منك.!
فأعطاه الساقي باقة الورد وانصرف.
وعندما خرج الوزير رآه الجلاد حاملا باقة ورد فقطع رأسه.!
وفي الغد حضر الساقي كعادته دائماً ملثماً حاملاً جرته وبدأ بتوزيع الماء على الحاضرين ..
استغرب الملك من رؤيته لظنه أنه قتل، فنادى عليه وسأله : قل لي، ما حكايتك مع هذا اللثام؟
قال جميل : لقد أخبرني وزيرك يا سيدي أنك تشتكي من رائحة فمي الكريهة و أمرني بوضع لثام على فمي كي لا تتأذى.
سأله مرة أخرى : وباقة الورد التي أعطيتك إياها ، هل أخذتها إلى بيتك؟
قال جميل : لقد أخذها الوزير مني و قال أنه أحق بها مني.
فابتسم الملك وقال : حقاً هو أحق بها منك وحسن النية مع الضغينة لا تلتقيان.
روابط قد تهمك: