قصة الحطاب والأمير

قصة الحطاب والأمير

يحكى أن حطّاباً اشتد به الفقر حتى أنه أصبح لا يملك قوت يومه.  وكان  له أربعة أولاد وإبنة شابة أية في الجمال ، بالإضافة إلى والدته العجوز التي كانت تقيم معه في بيته القروي المتواضع .وكان الحزن والهم لا يفارقان الحطّاب وزوجته  من شدة الفقر والحاجة. فهما لا يستطيعان حتى توفير الطعام والثياب لأطفالهما .

الحطاب وقلبه الرحيم

ومن الأشياء المثيرة في هذه القصة هو أن الحطاب كان رجلاً رحيم القلب، يحب الطيور والحيوانات والنبات ولا يقدر على إلحاق الأذى بأي مخلوق . فذهب به هذا الخُلق إلى الشعور بالذنب و التوقف عن قطع الاشجار حين يذهب لجمع الحطب في الغابة  رحمة بها .

قصة الحطاب والأمير

 

وفي يوم من الأيام خرج الحطاب الى الغابة والفأس على كتفه  يدعو الله ان يرزقه ما يفرح به أطفاله الذين وقفوا يُوَدِّعونه مبتسمين يطلبون الطعام والملابس وهو يحييهم ويلوح لهم بيديه حتى اختفى عن أنظارهم .
و في الغابة تجول الحطاب علّه يجد أغصاناً ميتة فيقطعها ليبيعها في سوق القرية . وبينما هو كذلك، إذ لمح شجرة كبيره طاعنة في السّن حتى أن بعض أغصانها بدأت تذبل وتيبس .فلما اقترب منها، ضربها بفأسه. فخيل إليه أنها تبكي من الألم وتتوسل إليه ان لا يقطعها . فأوقف الفأس على الفور وجلس بجانبها حزيناً كئيباً لأن قلبه لا يطاوعه أن يقطعها ويكون مصيرها النار .
جلس الحطاب تحت الشجرة العجوز يفكر في كل شيئ إلا في نفسه، في أطفاله الذين سيقتلهم الجوع والبرد وفي أمه التي تحتاج إلى طبيب وفي زوجته التي لم تلبس فستانا جديداً منذ زمنٍ بعيد. ولما اشتد به الكرب اغرورقت عيناه بالدموع وقرر الرحيل بعيداً عن بيته وأسرته حتى لا ينفطر قلبه حزناً عليهم.
وقبل أن يقوم الرجل من مقامه رأى عصفوراً نزل من عشه المثبت على الشجرة وأخذ يبحث عن طعامه تحتها، نظر الحطاب الى العصفور خلسة كي لا ينفر من مكانه . فرآه يحفر في الارض بصبر وهمة . ولما لم يجد شيئاً ترك العصفور المكان وأخذ يحفر في مكان آخر غير يائسٍ من محاولته الأولى، ينبش الارض بمنقاره وأظافره باحثاً عن طعام له ولفراخه دون كلل أو ملل حتى وجد صيده الذي كان عبارة عن دودة الأرض. فأخذها في منقاره وطار إلى أعلى الشجرة ليطعم فراخه الجوعى … كان المشهد جميلا ومؤثراً .

قصة الحطاب والأمير

تجديد العزيمة عند الحطاب

خجل الرجل من نفسه وعادت إليه ثقته في أن رزق الله لا ينقطع،  وأحس بإهانةٍ لرجولته فقام على الفور عائداً الى منزله وهو يستغفر الله . وفجأه رأى شيئاً يلمع تحت الشجرة العجوز فأنحنى يتفحصه فإذا به قلادة من الياقوت الجميل منقوش عليها إسم صاحبها . ولم يكن صاحبها إلا ذلك الأمير الغني الذي يمر الحطاب كل صباح من أمام قصره. وأثناء مروره كان يتخيل ما بداخل القصر من طعام ورفاهية وعيش كريم. ولكن لم  يجرؤ قط في حياته أن يدخل ذلك القصر أو حتى أن يتلصص ببصره إلى ما بداخله.

قصة الحطاب والأمير

جاء الفرج

وأخيراً أصدر الحطاب قراره الأخير . ووضع القلادة في جيبه وقصد القصر. يسأل عن الأمير ، يريد مقابلته . فلما رآه الامير في حالته خائفاً مرتبكاً، قال له:  ما بك يارجل ؟ لا يبدو عليك أنك غريب أو عابر سبيل . فما الذي جاء بك عندنا؟.
قال الحطاب : يا مولاي لا هذا ولا ذاك . كل ما في الأمر أنني وجدت هذه القلادة وعرفت أنها ملك لك فأتيت لأسلمك إياها .
نظر الأمير الى القلادة وبعدها إلى ثياب الحطاب القديمة في دهشة وقال :
إنها قلادة أهدتها لي والدتي رحمها الله. وهي لا تقدر عندي بمال . كان بإمكانك أن تأخذها ولن يعرفك أحد. فهي غالية الثمن ولكنك رجل أمين فانتظر لأسلمك مكافة تليق بنا .
نادى الامير على الحراس فوضعوا أمام الحطاب صندوقاً مملؤاً بالذهب والمجوهرات
قال الحطاب :
يا مولاي أنا رجل فقير لدي أطفال يتضورون جوعاً ولا استطيع إطعامهم . فأنا لا أقبل مالاً نظير  أمانتي ولكن لو تتفضل سيدي أن تجد لي عملاً في قصرك فسأبقى عاجزاً عن رد الجميل .
ضحك الأمير وقال : عينتك في قصري حارساً لإصطبلات الخيل فهي محتاجة الى رجل أمين مثلك.
ولما تفقد الأمير أحوال عائلة الحطاب ، أعجب بإبنته فتزوجها . وعاش الحطاب وزوجته وأولاده عيشة هنيئة مريئة بجانب الامير وزوجته. وكلما مر الحطاب على الشجرة العجوز خُيِّل إليه أنها تبتسم له وتقول لقد جزيت خيراً على حسن خلقك وأمانتك . وعلى نيتكم ترزقون  .

إنتهت القصة 

في أمان الله

قناتي على اليوتوب

روابط قد تهمك: 

شارك الموضوع
إذا أعجبك المقال ،لا تَقْرَأْ وتَرْحَل، وتُحَمِّل وتَرْحَلْ … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 464 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

38 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top