ثلاث قصص كلها حكم وعبر

ثلاث قصص كلها حكم وعبر

قصة الملك ونصائح الحكيم

يحكى أنّ مَلِـكـاً خرج ذات يومٍ بصُحْبةِ وزيره مُتَنَكِّريْن ليتفقدا أحوال الرعية، وبينما هما يتجولان على مشارف المدينة إذْ شَدَّ انتباههما بيتٌ متواضعً منعزلٌ في ضواحي العاصمة، فقصداه ليعرفا من يسكنه وكيف يعيش؟ فتح رجلٌ عجوز الباب ودعاهما للدخول فاستجابا لدعوته. وقدم لهما من الطعام والشراب ما يقدم للضيوف، وأكرمهما كرم الكرماء .. وقبل توديعه قال له الملك : نشكرك على ضيافتك وحسن كرمك، ولقد وجدنا عندك الحكمة والوقار، فنرجوا أن تزوّدنا بنصيحة.

فقال الرجل العجوز : لا تأمن للملوك ولو تَـوَّجُوك
فأعطاه الملك وأجزل العطاء ثم طلب نصيحة أخرى
فقال العجوز: لا تأمن للنساء ولو عبدوك
فأعطاه الملك ثانية ثم طلب منه نصيحة ثالثة
فقال العجوز: أهلك هم أهلك، ولو صرت على المهلك
فأعطاه الملك بسخاء ثم ودعاه ورحلا دون أن يعرف العجوز من كان ضيفه اليوم.
وفي طريق العودة إلى القصر أبدى الملك استياءه من كلام العجوز وأنكر كل تلك الحكم، وأخذ يسخر منها
فأراد الوزير الحكيم أن يؤكد للملك صحّة ما قاله الرجل العجوز،
فنزل إلى حديقة القصر، وسرق بُلبُـلاً كان الملك يُحبه كثيراً، ثم أسرع إلى زوجته يطلب منها أن تخبئ البُلبل عندها، ولا تخبر به أحداً.
وبعد أيام طلب الوزير من زوجته أن تعطيه العقد الذي في عنقها كي يضيف إليه بعض حبات من اللؤلؤ الثمين، فَسُرَّت بذلك، وسلّمته العقد.
ومر على ذلك أكثر من أسبوع، ولم يُعِد الوزير إلى زوجه العقد، فسألته عنه، فانشغل عنها، ولم يجبها، فأخذ الشك يراودها فتماسكت أعصابها وأعادت عليه السؤال، لكنه تسلل منها دون أن يعطيها جواباً يهدئ انزعاجها وقلقها، فاتهمته بأنه قدم العقد إلى امرأة أخرى. والتزم الوزير الصمت و التملص ولم يجب بشيء، فزاد هذا السلوك في غضبها وحنقتها. فتوجهت على جناح السرعة إلى الملك وسلمته البلبل المسروق، وأخبرته بأن زوجها الوزير هو من سرقه، فغضب الملك غضباً شديداً، وأصدر أمراً بإعدام الوزير .
ونصبت في وسط المدينة منصة الإعدام، ثم سِيق الوزير مُكبّلاً بالسلاسل والأغلال إلى المشنقة ، وقد حضر الملك وحاشيته ليشهدوا إعدام الوزير السارق،  وفي الطريق مرّ الوزير بمنزل أبيه وإخوته ، فدهشوا لما رأوا وسمعوا، فترك الحنين بقلب أبيه فأعلن عن استعداده لافتداء ابنه بكل ما يملك من أموال، بل أكد أمام الملك أنه مستعد ليفديه بنفسه.
لكن الملك أصرّ على تنفيذ الحكم على الوزير بعينه، وقبل أن يرفع الجلاد سيفه، طلب الوزير أن يُـؤْذَن له بكلمة يقولها للملك، فأذِن له، فأخرج العقد من جيبه، وقال للملك، ألا تتذكر قول الحكيم:‏
لا تأمن للملوك ولو تـوّجوك
ولا للنساء ولو عبدوك
وأهلك هم أهلك ولو صرت على المهلك . وها هي قد تحققت كل تلك النصائح.
وعندئذ أدرك الملك أن الوزير قد فعل ما فعل ليؤكد له صدق تلك الحكم، فعفا عنه، وأعاده إلى منصبه وزيراً مقربـــاً كما كان.

إنتهت القصة ..

ثلاث قصص كلها حكم وعبر

إن أنصفتني وإلا رفعت أمريَ إلى الله

يحكى أن رجلاً من العقلاء غصبه أحدُ الولاة ضيعته، فأتى إلى المنصور ليشتكيه،

قال الرجل للمنصور: أصلحك الله يا أمير المؤمنين أأذكر لك حاجتي أم أضرب لك قبلها مثلاً؟

فقال المنصور: بل إضرب المَثل.

فقال: إن الطِّفل الصغير إذا انتابه أمر يكرهه فإنما يفزع إلى أمه، لأنه يعرف أن لا أحداً غيرها يمكن أن يسانده وينصره، فإذا ترعرع واشتد عظمه، كان فراره إلى أبيه، لاعتقاده أن أباه أقوى من أمه، أما إذا كَبُـر وصار رجلاً وحدث به أمر شكاه إلى الوالي لعلمه أنه أقوى من أبيه، فإذا زاد عقله نمواً شكاه إلى السّلطان لعلمه أنه أقوى ممن سواه، فإن لم ينصفه السلطان شكاه إلى الله تعالى لعلمه أنه أقوى من السّلطان،

وقد نزلتْ بي نازلة، وليس أحد فوقك أقوى منك إلا الله تعالى، فإن أنصفتني وإلا رفعت أمري إلى الله تعالى فإني مُتوجِّه إلى بيته وحرمه.

فقال المنصور: بل نُنْصِفُك، وأمر بإرسال كتاب إلى الوالي ليرد للرجل ضيعته .

إنتهت القصة …

ثلاث قصص كلها حكم وعبر

 بين حانَة ومانَة ضاعت لِحانا

إليكم القصة …

” تزوج رجل بامرأتين.. إحداهما إسمها “حانَة” والثانية إسمها “مانَة”..

و كانت حانة صغيرةٌ في السّن، إذ أن عمرها لا يتجاوز العشرين..

بخلاف مانَة التي كان عمرها يزيد عن الخمسين والشيب لعب برأسها..

فكان كلما دخل إلى حجرة حانة تنظر إلى لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء

وتقول : يصعب عليّ أن أرى الشيب يلعب بهذه اللحية الجميلة وأنت ما زلت في ريعان شبابك ..

و عندما يذهب عند ” مانة ” تُمسك هي الأخرى بلحيته وتنزع منها الشعر الأسود

وتقول: يُحزنني أن أرى شعراً أسوداً بلحيتك وأنت رجل كبير في السن جليل القدر..

ودام حياة الرجل على هذا الحال حتى حدث يوماً أن نظر إلى المرآة

فرأى بها – لحيته – وقد نقصت بشكل مفزع.. فأمسكها بعنف وقال :

« بين حَـانَة ومَـانة ضاعتْ لِحَـانَـا »

إنتهت القصة التي أصبحت مثلاً يضرب بين العرب مثل : « عاد بِخُفَّيْ حُنَيْنْ »

 

قناتي على اليوتوب

أرى أن هذه المواضيع قد تهمك:

 

شَـاركِ الْمَوْضُوع: 
إذا أعجبك هذا المحتوى، فلا تَقْرَأْ وتَرْحَل … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء. وإِذَا كنت تعتقد أنه قد يكون مفيداً لأشخاص آخرين، فشَارِكْهَ على الشبكات الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 464 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

131 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top