قصة الغلام الذي عاهد أمه أن لا يكذب
تحكي بعض الروايات العربية أن فتىً من أهل مكة المكرمة، هاجر إلى بغداد بالعراق لِطلب العلم وكان صغير السّن ،لم يتجاوز إثنتي عشرة سنة،
وقبل أن يُغادر بيته وأسرته، قال لأمه: يا أمّاه أوصني.
قالت له أمه وهي تتحسر من وجع الفراق والدموع تنهمر من مقلتيها: يا بني أريدك أن تعاهدني على أن لا تكذب مهما كان. فوافق الغلام على العهد ، ثم ودعها وركب دابته قاصداً بغداد مع قافلة التجار. وكانت في جعبته أربعمائة درهم يتبلغ بها في سفره وينفق منها في غربته.
وفي الطريق استوقفهم قُطَّاع الطرق، ونهبوا أموال كل أفراد القافلة . ثم التفتوا إلى الفتى وقالوا له: أمعك مالٌ يا غلام؟ فقال لهم على الفور: نعم معي أربعمائة درهم. فَسَخِـروا منه وقالوا له: أتهزأ بنا يا غلام؟ إنْصَرِف ولا تمازحنا فإننا لسنا نِـدّاً لك. أمثلك يحمل معه أربعمائة درهم؟! فتعالت ضحكاتهم استهزاءً وسخريةً. فابتعد الغلام عنهم مذعوراً. ولما عاد اللصوص إلى زعيمهم مُحَمَّلين بالأموال التي نهبوها من القافلة ووضوعوها بين يديه . سألهم : أهذه كل أموال القافلة؟ فقالوا له : نعم يا زعيمنا .. ولكن حدثت لنا واقعة مع غلام صغير يرافقهم . فقد سألناه : أمعك مال؟ فأجاب على الفور بأنه يملك أربعمائة درهم .. فضحكنا من حاله ، إذ كيف سيكون معه هذا المبلغ وهو طفل صغير . فقال لهم زعيمهم : أتوني به على الفور.. وبسرعة عادوا إلى القافلة فوجدوها ما زالت في مكانها تتحسر مما أصابها . فاقتادوا الغلام إلى زعيمهم ، حيث سأله عن الوجهة وما إن كان معه مال؟
قصة الغلام الذي عاهد أمه أن لا يكذب
فأجابه الغلام بكل ثقة : وِجْهَتي هي بغداد، ومعي بعض المال !
فقال له رئيس اللصوص: وكم معك؟
قال الغلام : معي أربعمائة درهم. فأخذها قاطع الطريق،
وأعدها فوجدها أربعمائة درهم بالتّمام والكمال، تماماً كما قال الغلام. فسأله في تعجب: لماذا صدقتني في كلامك وأنت تعلم أن مالك هذا إلى ضياع؟ فقال لهُ الغلام: ما كنت لأكذب عليك وقد عاهدت أمّي على ألا أكذب على أحد.
تعجّب رئيس اللصوص وأخذ يتأمل صراحة الغلام ومدى صدق حديثه والتزامه بالعهد لوصية والدته. فخشع قلبه واقشعر بدنه، وباشر الغلام بالكلام قائلاً: عجبت لك يا غلام، تخاف أن تخون عهد أمك وأنا لا أخاف عهد الله عز وجل، يا فتى خذ مالك وانصرف آمناً وأنا أعاهد الله أنني قد تبت إليه على يديك توبةً لا أعصيه بعدها أبداً. وفي المساء عاد أصحابه اللصوص، وهم يحملون المسروقات ليسلموها لقائدهم، فوجدوه رجلاً آخر خاشعاً يكاد يبكي ندماً من الضياع الذي يعيشه هو وأتباعه. فقال لهم: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. وأنا تبت إلى الله اليوم ، ولن أعود لهذا الفعل أبداً.
قصة الغلام الذي عاهد أمه أن لا يكذب
فقالوا له: لقد كنت زعيمنا في المعصية، أما اليوم وقد تبت إلى الله فأنت سيدنا في التوبة ! تُبنا إلى الله جميعاً ..
انتهت القصة .. في أمان الله
أرى أن هذه المواضيع قد تهمك: |
إذا أعجبك هذا المحتوى، فلا تَقْرَأْ وتَرْحَل … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء. وإِذَا كنت تعتقد أنه قد يكون مفيداً لأشخاص آخرين، فشَارِكْهَ على الشبكات الاجتماعية.