ثلاث قصص قصيرة كلها عبر ودروس، شيقة وممتعة : أرض النفاق وسوق المشاعر و الثروة والنجاح
من يبيع ضحكات الكبار ويشتري دموع الفتيان ؟
كنا نحتسي قهوة الصباح حين بدأ صوت البائع المتجول يصدح في أرجاء الحي . هذه المرة كان نداءه عالياً و مفهوماً أكثر من ذي قبل :
كان ينادي ويقول:
من عنده سعادة ؟ ضحكات الكبار ؟ .. من يبيع الفرح ؟ من عنده حزن غائر ؟ مطلوب دمعات قديمة للبيع …!!
فأخبرت أمي أنّ عندي ضحكتين قديمتين أريد بيعهما ..
قالت لي افعل ما يحلو لك..
اتجهت إلى البائع وقلت له :
يا عم يا عم بكم الضحك اليوم..؟
قال لي :
ضحكة الطفل بدرهم .. وضحكة العجوز بألف درهم .. و حسب العمر نحدد ثمن الشراء ..
اندهشت من الفرق الكبير في السعر فقلت له معقباً :
ياعم الضحكُ يبقى ضحكاً.. فلم هذا الفرق الشاسع في السعر .. ؟ أو أنك تريد استغالالي لصغر سني ؟
قال لي مبتسماً:
يا صغيري، عليك أن تعلم أن ضحكة الكبار نادرة .. وهذا سبب غلائها …
لم أفهم ما يقصده بالضبط .. ولكني بعته الضحكتين .. واشتريت بثمنهما بعض الحلوى وعدت إلى البيت ..
سألت أمي إن كان لدى أبي ضحكات قديمة .. فضحكة الكبار غالية ..
بحثت أمي في كل أرجاء المنزل .. لم تجد أي ضحكة لأبي . فأبي لا يضحك أبداً .. ضحكاته اندثرت واختفت في مواجهة مشاكل الحياة..!!
ولكنها عثرت على كثير من دمعاته .. أعطتني إياها .. وقالت لي هذا مصروفك غداَ …!!
في اليوم التالي .. وعند سماع صوت البائع المتجول المتخصص في شراء الأحاسيس والمشاعر ..
أسرعت إليه وسألته عن ثمن دموع الكبار .. وقلت له :لا بد أنها غالية كضحكاتهم ..
ففاجأني بقوله :
إن دموع الكبار رخيصة يا صغيري .. فالكبار يبكون دائماً ..!! ففي بعض شوارع المدينة توجد أنهار من الدموع .. وفي المقابر أنهار أُخرى.. حتى أن أم الشهيد تمتلك أكثر من برميلين من دموع الحزن ولم أشتريها ..
يا بُني أنا أشتري ضحكات الكبار فقط أما دموعهم فهي متوفرة بكثرة ….لا أشتريها!… فأنا تاجر نوادر…
أنا أشتري شرف المسؤولين في مراكز القرار .. وهذا من النوادر
وأشتري كذباً من الأمهات …
و حِكماً من المجانين…
ونزاهة من السياسين….
و وفاءً من المنتخبين في البرلمانات ..
يا بُني أنا لا أهتم بدموع الكبار .. فكل الكبار يبكون… يبكون من قهر الظلم ومصاعب الحياة ، يبكون حين يقبضون راتبهم الهزيل والذي اقتطعت منه الضرائب والفواتير .. تسيل دموعهم حين يرون أن أصحاب اللسان الطويل يترقون في المناصب والذين يشتغلون بإخلاص وفي صمت يحرمون من كل الامتيازات.. يبكون حين يذهبون إلى المستشفى فيجدون أن الأطباء يفحصون جيوبهم قبل أبدانهم المريضة .. يبكون حين لا يستطيعون الحصول على وثائقهم الثبوتية من الادارات العمومية إلا بمشقة النفس واستنزاف جيوبهم ، بينما يقضي الآخرون مصالحهم فقط بهواتفهم . تسيل الكثير من الدموع على حواجز الأمن ومراكزهم. الكبار قليل ما يجدون لحظو فرح ، فهم لا يكفون عن البكاء . لذلك فأنا لا أريده.
وقبل أن ينصرف همس في أذني قائلاً:
اليوم…هو يوم الجمعة
∴ إن وجَدت صدقاً في خطبة الخطيب أحضره لي ، فذاك الصدق غالٍ جداً .. اتـني به وسأشتريه منك ..!!!
∴ يابني إن وجدت شرفاً عند السياسي ساشتريه منك بثمن باهض… ابحث عنه يا ولدي فقد أصبح من النوادر.
أرض النفاق وسوق المشاعر و الثروة والنجاح
قصة الثروة والنجاح والمحبة
يحكى أن امراة كانت في طريقها للخروج من البيت لقضاء بعض المآرب .
فرأت ثلاثة شيوخ لهم لحى بيضاء طويلة كانوا جالسين في حديقة المنزل . لا تعرفهم ولم يسبق لها أن رأتهم ..
فقالت في نفسها : لا أظنني اعرفهم ولكن لابد أنهم جوعى ! لذلك فهم هنا . فطلبت منهم الدخول لتعد لكم الطعام.
فسألوها: هل رب البيت موجود؟
فأجابت :لا، إنه غير موجود.
فردوا: إذن لا يمكننا الدخول إلا بموافقة الزوج.
وفي المساء ، عندما عاد زوجها من العمل أخبرته بما حصل.
قال لها :إذهبي اليهم واطلبي منهم أن يدخلوا!
فخرجت المرأة و طلبت منهم الدخول .
فكان ردهم غريب غير معهود حيث قالوا : نحن لا ندخل المنزل مجتمعين.
سألتهم بدهشة واستغراب : ولماذا؟
فشرح لها أحدهم قائلا: هذا الشيخ إسمه (الثروة) وهذا الشيخ (النجاح) وأنا (المحبة)،
إذن ادخلي واستشيري زوجَك، من منا تريدان أن يدخل منزلكما !
دخلت المرأة وهي في غاية الاستغراب! وأخبرت زوجها بما قيل لها .
فغمرت السعادة زوجها وكاد أن يطير من الفرح
وقال: ياله من يوم سعيد، وطالما أن من حقنا الاختيار، فلندعوا (الثروة) !. دعيه يدخل و يملئ منزلنا بالثراء والغنى !
فخالفته زوجته قائلة: يا عزيزي، لم لا ندعو (النجاح)؟ فهو أصل الثروة والشهرة .
كل ذلك كان على مسمع من زوجة ابنهم التي كانت تعد طعام العشاء .. فأسرعت باقتراحها قائلة: لو تسمحا لي بإبداء رأيي ، أليس من الأجدر أن ندعوا (المحبة)؟
فمنزلنا حينها سيمتلئ بالحب! والسعادة .
فنظر الزوج إليها مبتسماً وقال: دعونا نأخذ بنصيحة زوجة ابننا!
اخرجي واطلبي من (المحبة) ليحل ضيفا علينا!
فخرجت المرأة وسألت الشيوخ الثلاثة: أيكم (المحبة)؟
أرجو أن يتفضل بالدخول ليكون ضيفنا
نهض (المحبة) واتجه نحو باب المنزل للدخول .. فنهض النجاح والثروة وتبعاه !. فاندهشت المرأة مما رأت وباشرت كلاً من (الثروة) و(النجاح) بالسؤال: عفواً ، لقد دعوت (المحبة) فقط ، فلماذا تدخلان معه؟
فرد الشيخان: لو كنت دعوت (الثروة) أو (النجاح) لظل الإثنان الباقيان خارج البيت، ولكن كونك دعوت (المحبة) فأينما يذهب نذهب معه .. أينما توجد المحبة، يوجد الثراء والنجاح.
أرض النفاق وسوق المشاعر و الثروة والنجاح
أرض النفاق ودكان الأخلاق
يقول يوسف السباعي :
كنت أتجول على ضفاف النيل فوجدت دكانا كُتِبَ على بابه ” تاجر أخلاق” بالجملة والتقسيط
-️دخلت فإذا بي أجد أكياساً بجانب بعضها البعض مكتوب عليها :
صدق
كذب
مروءة
شجاعة
نفاق الي آخره
-️فاشتريت بضع الغرامات من الشجاعة وشربتها مع كأس ماء وعدت إلى البيت
كانت حماتي تسكن معنا طردتها
انزعجت من زوجتي طلقتها
اعترض الاولاد لفعلي طردتهم . ونمت وحدي في البيت
-️في اليوم الثاني صحوت متأخراً كثيراً وبهدوء وبدون عجلة ذهبت للعمل استقبلني زميل وقال لماذا تأخرت والمدير يبحث عنك
دخلت إلى المدير فعاتبني ضربته ، ولم يمضي إلا وقت قصير حتى كنت مطرودا من العمل
-️عدت للبيت
لا وظيفة
ولا زوجة
ولا اولاد ماذا أفعل ؟
-️ذهبت لصاحب الدكان واشتريت منه قليلا من النفاق ولم يأتي المساء إلا والعائلة مجتمعة
-️في اليوم الثاني استيقظت باكراً وذهبت غلى مقر عملي الذي طردت منه بالأمس . لم يأخذ الموضوع أكثر من دقائق حتى عدت موظفاً جديراً بالثقة وترقيت.
-️فكرت كثيرا بهذا الدكان وذهبت إليه واشتريت منه كل أنواع النفاق وأفرغت كل الأكياس من فوق الجسر على نهر النيل فشربت منه الأمة كلها
-️ومن ذلك اليوم أصبح حال الأمة كما ترى.
روابط قد تهمك: