قصة ذو النيتين

قصة ذو النيتين

قصة الشّاب وَ  ذو النِّيتين من روائع القصص

يُحكى أنَّ شاباً بدوياً كان يعيش مع والدته وكانت دائماً توصيه بأن لا يصاحب ( شخصاً ذو نيتين )
فقال لها : كيف لي أن أعرف أنّ له نيتين يا أمي؟
قالت : هو سيخبرك بأن له نيتين من تلقاء نفسه وبلسانه!
وبعد فترة ماتت أمه فحزن عليها كثيراً وبقي في البيت وحيداً يعاني مرارة الفراق .

فقرر أن يبيع البيت ويرحل فاشترى بعيراً وسلاحاً وأخذ باقي المال وسافر.
وفي الطريق التقى برجلٍ مصاب مكسور الساق
يكاد يموت من العطش فنزل من على ظهر البعير واسقاه الماء وفك عمامته وربط ساق الرجل
وحمله على البعير وسارا في الطريق، وأثناء رحلتهم، أخذا يتجاذبان أطراف الحديث!!!
فسأل الشاب : ما الذي أصابك وكيف أتيت إلى الفلاة؟
فقال الرجل : كنّا في غزوة وأنهزمنا وأصبت في ساقي وهرب عني أصدقائي، فأخذ الرجل المكسور يسأل الشاب عن حاله .

فأخبره بأنه شاب مهاجر في أرض الله قائلاً:  كانت لي أمّـاً ، وكانت توصيني دائماً أن لا أصاحب من له نيتان.
فقال الرجل: أنا ذو النيتين ، فضحك الشّاب غير آبهٍ وسارا معاً حتى وصلا إلى بئرٍ في الصحراء.
قال الرجل المكسور الساق: دعني أنزل وأجلب الماء!
فقال الشاب : لا يا رجل أنت مريض ومكسور الساق، أنا من سأنزل، فقط أربط الحبل في عنق البعير وأنزلني في البئر لأملأ القربة فترتوي أنت أولاً ، وفي الثانيه لسقي البعير.


فنزل الشاب حتى وصل ركوة البئر (الرُّكوة صخرة بأسفل البئر بجانب الماء)

قطع “ذو النيتين” الحبل  وسقط الشاب في قعر البئر!
بئر ذو النيتينفنادى الشاب : يافلان الحبل!
رد الرجل : أنا أخبرتك من البداية أن لي نيتين
فقال الشاب : خذ البعير والسلاح والمال،لكن اخرجني من البئر
قال الرجل : لتقتلني؟
قال : أعطيك عهد الله أن لا أقتلك!
قال : لا
ومشى ذو النيتين… تاركاً الشاب في قاع البئر وهو يتذكر مقولة أُمّه أن لا يعاشر ذو النيتين.
فلما حلّ الظلام وانتصف الليل حط غرابان أسودان على طرف البئر يتحدثان مع بعضها ، وكان هذان الطائران من الجن!
فقال الغراب الاول : يافلان هل تعرف ابنة الشيخ فلان؟
قال الغراب الثاني : نعم
قال : أتذكر تلك البنت الجميلة التي تقدم لخطبتها الآلاف من خيرة الرجال ورفضتهم
قال : نعم اذكر أني سمعت هذا.
قال : عملت لها سحراً عظيماً فأصبحت كالمجنونة،
تقطع ثيابها وتصيح طول الوقت، ولم يتقدم لخطبتها أحد حتى اليوم !

وفك هذا السحر جدُّ بسيط.

قال : كيف؟
قال : يقرأون الفاتحة سبع مراتٍ في ماء ويسقونه البنت فتشفى بإذن الله.
قال الغراب الثاني:
أنت لم تصنع شيئاً ياصديقي 😕 هل تذكر مدينة الشيخ حارب المشهورة بالخضرة والمزارع والماء؟
قال : نعم
قال : صنعت لها سحراً عظيماً فجف ماء الآبار وهي الآن خاوية على عروشها لا يسكنها أحد.
قال : كيف؟
قال : أغلقتُ الماء بمجمع العيون في البئر الذي يقع تحت الجبل ومنه تنبع كل العيون فأصبح جافاً قاحلاً، وفك السحر جدُّ بسيطٍ
فقال : كيف؟
قال: يقرأون خواتيم سورة البقرة والمعوذتان في ماءٍ ويصبونه على منبع الماء فينفك السحر ويعود يتدفق الماء من جديد.
وكان الشاب في أسفل البئر يسمع حوارهمـا وهي إشارة على ان الجن لا يعلمون الغيب.
طلع الصباح فطارت الطيور و مرت قافلة بالبئر،
فأنزلوا دلوهم بالبئر فأخذ الشاب الدلو فقطعه قالوا ربما جيلان البئر قطعت الحبل فأنزلوا الدلو الثاني فقطعه والثالث فقطعه.
قال كبير القافله : والله إن البئر فيها بلاء غريب، من ينزل ليأتينا بالخبر اليقين؟

فتشجع أحدهم ونزل، فلما اقترب من ركوة البئر فإذا بالشاب يستغيث!
فقال النازل : من أنت؟  بسم الله أأنت من جن ام انس؟
فقال : يا أخي انا إنسي وقصتي كذا وكذا …
فقال : لماذا قطعت الدّلو ؟
قال الشاب : لو تعلقت بالدلو ورأيتموني لخفتم مني وتركتم الحبل وهربتم فأسقط  وأموت ، دعني أسقي لكم الماء وساعدوني على الخروج منه.
فخرج الرجل وقص عليهم قصته.
قالوا : والآن إلى أين أنت ذاهب ؟

قال : إلى مدينة الشيخ حارب ومدينة البنت المسحورة
فقالوا : إننا في طريقنا إليها، كن بصحبتنا!
فلما وصلو كان من يستقبل الضيوف هو شيخ القبيلة،
فلما نزلوا عنده وأكرمهم، سمع الشاب صياح بالبيت
قال : يا شيخ ما الأمر؟
قال : هذه إبنتي مريضة أصابها بلاءٌ منذ أربع سنوات
ولم أجد حكيماً ولا طبيباً إلا و طرقت بابه لعلاجها لكن دون فائدة.
قال : ما مكافأة من يجعل إبنتك تتعافى؟

قال : له مايريد وزيادة.
فقال الشاب : أتزوجني إبنتك وتعطيني مالاً أبدأ به حياتي؟
فقال : أبشر لك ما تريد؟
قال : آتيني بقدح ماء وكانت البنت تصرخ وتمزق ثيابها
فقرأ به ورش عليها وأسقاها فاستفاقت وأخذت تتستر ودخلت عند النّساء فشفيت بإذن الله.
فقال أبوها للشاب: أطلب تعطى!
فقال: مالاً أتبلغ به  وتزوجني إياها
فقال: هذا، ولك مني بيت بجواري أيضاً .

قال : لا
أريد راحلة تحملنا إلى  المدينة التي جف ماؤها.
قال : تقصد مدينة الشيخ حارب ؟ ماذا تريد من بلدٍ ميتٍ ليس فيه ماء ؟
قال : لي حاجه هناك.
المهم تجهز وأخذ زوجته معه ورحل. فلما وصل المدينة وجدها أرضاً جرداء قاحلة، ليس فيها سوى ثلاثة بيوتٍ  مسكونةٍ والبقية هجرها أهلها بسبب الجفاف لأنهم كانوا يجلبون الماء من مكان بعيد. فذهب إلى بيت  شيخ  المدينة المهجورة  وقال : ماذا أصاب هذه البلدة؟
 قال : كانت هذه الديرة غنية بالماء والخيرات ومنذ أربع سنوات أصابها قحط وجفت مياه الابار وهي الآن كما ترى!
فقال : ما جزائي إن أرجعت ماء الآبار كما كانت ؟
فقال : لك ماتريد و لا أظنك تقدر ؟
فقال : أريد مزرعةً ومالاً وبيتاً أسكنه.
فقال : لك ذلك.
فقال الشاب : أين البئر الرئيسة (مجمع العيون)؟
فقال: هناك و أشار إلى مكانها!
قال : آتيني بقدح  ماء فقرأ عليه وصبه على منبع الماء،
فانفجر الماء كما كان قبل أربع سنوات، وعاد الخير و كان للشاب ما أراد، وبدأ يشتغل في مزرعته  وعاش مكرماً معززاً عند الشيخ وأهل المدينة الذين عادوا من جديد ليعمروا ما هجروا.

وفي يوم من الأيام جاء رجل ضيفاً على الديرة ..! فإذا هو ذو النّيتين .فعرفه الشاب.
وقال : فلان هل تذكرني؟
فقال ذو النيتين : لا
قال : أنا الشاب ذو نية واحدة الذي تركته في البئر.
قال الرجل : وكيف أصبحت في هذا الحال؟
فقص عليه القصة كاملةً فخرج ذو النيتين مسرعاً
فقال الشاب : إلى أين ؟ قال : إلى البئر قال : يارجل إنتظر وفي الصباح توكل على الله.
قال : والله لا أبيت إلا في البئر الليلة فذهب أبو النيتين، فلما وصل ركوة البئر و حل آخر الليل ، فإذا بالغرابين يحطان على حافة البئر لانهما يجتمعان عند هذه البئر كل نهاية عام هجري … فأخذا يتحدثان:
قال الغراب الأول: فلان، هل علمت ماذا حل بإبنة شيخ قبيلة كذا؟
قال : ماذا؟
قال : انفك السحر عنها.!
قال الثاني:
وسحري أيضاً انفك وعادت المدينة كما كانت.

قال : والله يافلان
أظن أنه عندما كنا نتحدث في تلك الليلة من السنة الماضية، كان شخصاً ما في هذا البئر يتصنَّتُ علينا.
قال الثاني : ما رأيك أن ندفن هذه البئر المشؤومة؟
ففوراً دفنوا البئر فوق رأس أبو النّيتين …
وهكذا كانت نهاية ” أبو النيتين “
[وعلى نياتكم ترزقون] قصة من التراث…

إقرأ أيضاً: قصة الأقرع والغول و بنت منصور وراء سبعة بحور

قصة ذو النيتين

 

قناتي على اليوتوب

أرى أن هذه المواضيع قد تهمك:

 

شَـاركِ الْمَوْضُوع:
إذا أعجبك هذا المحتوى، فلا تَقْرَأْ وتَرْحَل … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء. وإِذَا كنت تعتقد أنه قد يكون مفيداً لأشخاص آخرين، فشَارِكْهَ على الشبكات الاجتماعية.

فكرتين عن“قصة ذو النيتين”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 466 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

2٬097 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top