الشاعر الفقير والخليفة : قصة وعبرة
الفقير والشعراء في دار الخلافة
يحكى أن أحدالخلفاء قام يوماً باستدعاء عدد كبيراً من شعراء مصر إلى مجلسه ، فصادف أن مروا أمام شاعر فقير بيده جرّة فارغة كان متجهاً نحو بئر بالضاحية ليملأها بالماء. ولما رآى هذا الحشد الكبير من الشعراء متجهين في اتجاه واحد ، رافقهم وهو لا يدري إلى أين؟ فلما دخلوا إلى دار الخلافة دخل معهم .. فبالغ الخليفة في إكرامهم والإنعام عليهم . لكنه لاحظ وجود الشاعر الذي يحمل الجرة على كتفه ولباسه الرثة تعكس مدى حاجته وفقره .
قسأله الخليفة : من أنت ؟ وما حاجتك ؟
الشاعر الفقير والخليفة : قصة وعبرة
فأنشد الرجل يقول:
ولما رأيتُ القومَ شدّوا رحالهم
إلى بحرِك الطَّامي أتيتُ بِجرتّي
كرم الخليفة
فقال الخليفة : إملأوا له الجّرة ذهباً وفضّة. فاغتاظ الحساد من بين الحاضرين وقالوا للخليفة : هذا فقيرٌ مجنون لا يعرف قيمة هذا المال وربّما أتلفه وضيّعه .
فقال الخليفة : هو ماله يفعل به ما يشاء ،فمُلئت له جرّته ذهباً وخرج . فلما كان خارج القصر فرّق المال جميعه للفقراء والمساكين.. فبلغ ذلك الخليفة فاستقدمه إليه وسأله عن ذلك
فقال الشاعر الفقير :
يجود علينا الخيّرون بمالهم ،
ونحن بمال الخيّرين نجـودُ .
فأعجب الخليفة بجوابه وأمر أن تُملأ جرّتُه عشر مرّات وقال : الحسنة بعشر أمثالها.
فأنشد الفقير أبياتاً شعرية ، سارت بها الركبان في كل زمات ومكان إلى يومنا هذا:
اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ
ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ أﻭﻗﺎﺕٌ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕُ
ﻭأﻛﺮﻡُ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭى ﺭﺟﻞٌ
تقضى على ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ حاجاتُ
ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮوﻑ ﻋﻦ أﺣـﺪٍ
ﻣـﺎ ﺩُﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭُ ﻭﺍلأﻳـﺎﻡُ ﺗـــﺎﺭﺍﺕٌ
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ إﺫ ﺟُﻌﻠﺖ
إﻟﻴﻚ ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕٌ
ﻓﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ
ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ أمواتٌ
روابط قد تهمك: