الراعي الصغير و إنقاذه من محاولة انتحار

الراعي الصغير سيف

قصة الراعي الصغير و إنقاذه من محاولة انتحار ، قصة شيقة ومؤثرة جديرة بالقراءة

القصة بدأت حين اتجهت السيدة عزيزة ذات الأربعين سنة بسيارتها السوداء الفاخرة الى المقبرة التي دفنت فيها ابنتها ، و التي توفيت إثر حادثة سير قبل عامين . كان زوجها الذي هو أبو إبنتها يقود السيارة وهو ثمل سكران.. ماتت الطفلة ودخل زوجها إلى السجن..وهي من زج به خلف القضبان، لقد كانت محامية بارعة . لقد كانت صدمة قوية لها ، فلم يعد بمقدورها أن تقاوم هذا الحدث الجلل، جف قلبها.. وماتَ بداخلها كل نسائم الحياة . فلم تغفر لزوجها ذلك الجرم الذي حرمها من فلذة كبدها وقرة عينها . تدخلت العائلة للصلح ، لكنها لم تصفح عنه، وهي التي نبهته مراراً ان لا يسوق في حالة سكر..هاهي الآن أصبحت تعيش مجردة من المشاعر ، وأحاسيسها دفنت مع إبنتها ، تملكها التوتر والقلق وأصبحت لا تتحكم في أعصابها حين يتعلق الأمر بتعاملها مع الغير ..تذهب مرة في الأسبوع لزيارة قبر فقيدتها . ومهجة قلبها..

تصرف غير لائق

 

الراعي الصغير و إنقاذه من محاولة انتحار

وحدث يوماً أن كانت تشق طريقها نحو المقبرة كعادتها ، إذ اعترض طريقها قطيع من الأغنام …فأستشاطت غضبا وهي تضغط على زر المنبه وتدوي عاليا …الى أن ظهر فتاً صغيراً ونحيفاً، وجهه أصفر وشعره يغطي نصف وجهه، يحمل عصاً قصيرة ..وهو يعتذر منها ،لكنها وبخته بأشد العبارات وأخذت تصرخ في وجهه الذي زاد اصفرارا ، ثم طأطأ رأسه لا يرد . وانطلقت السيارة …فأخذ يتمتم شريرة ! وقحة !!.

الراعي الصغير و إنقاذه من محاولة انتحار

اللقاء الغير المرتقب

بعد أن ركنت سيارتها أمام المقبرة ترجلت منها و هي تحمل وردة بيضاء و اتجهت الى قبر ابنتها..وبحركة اعتيادية قامت بغرس الوردة فى الجانب الأيمن للقبر ثم انتصبت كجندي محارب أثناء جنازة أعز رفاقه ، كانت تنادي ابنتها في أعماقها و هي تتمنى أن تلتقي بها مرة أخرى . صارت نتاديها بصوت مسموع وكأنها تنتظر الرد . لكن أنى لأهل القبور أن ينطقوا.
فجأة ،لمحت طفلا عند أحد القبور وقد جثا على ركبتيه ، يبدو كأنه يخبئ شيئاً ما ..وعندما وقف تعرفت عليه ،انه ذلك الطفل راعي الغنم ..ظل يحدق في القبر لبضع دقائق ثم انصرف مطأطئاً رأسه بخطوات ثقيلة ، و لازالت السيدة عزيزة تراقبه …أشعل هذا الحادث فتيل فضولها حول ماكان يخبئه راعي الغنم هناك..قررت أن ترضي فضولها، تقدمت نحو المكان، استكشف الأمر ..انحنت الى المكان الذي كان الفتى يسحب يده منه ، رأت ثقباً صغيراً ..تًرددت في ادخال يدها في تلك الحفرة.. شعرت بشئ من الخوف..تشجعت وأدخلت يدها، قامت بسحب ورقة بيضاء مثنية ..

الرسالـة التي أحيت مشاعرها

قالت في نفسها ليس من حقي فتح هذه الورقة..لكن مامعنى هذا ..لم تشعر حتى وجدت نفسها وقد فتحتها، إنها رسالة مكتوبة بخط رديئ ، لكن الكلمات كانت واضحة :
“الى امي الحبيبة
اما بعد
لقد مرت سنتين على وفاتك و منذ تسعةٍ وعشرين يوماً و أنا أكتب لك هذه الرسائل ..
كنت أتمنى أن تتغير الأوضاع ..وأن يحن قلب زوجة أبي أوأن ينتبه أبي لمعاناتي…لكن لا شئ من هذا حصل ..فالمعاناة تزداد كل يوم…إنني أختنق يا أماه…
أستحم كل يوم بالماء البارد ..ويتم حك جلدي بفرشة خشنة تستعمل لغسل الملابس
والأسوء من هذا ، هو التفنن في معاقبتي والتلذذ بذلك كل يوم..
هربت عدة مرات، لكنهم يجدونني ويتم ارجاعي الى الجحيم…
أصبح جسدي وردي اللون ، تتوسطه دوائر خضراء ، أنام في الحضيرة كنوع من العقاب
يتم إرسالي لرعي الغنم باكرااا دون أن أتناول وجبة الفطور..لذا يكون لزاماً علي أن أستيقظ ليلا لسرقة بعض الخبز ، إنه الجوع يا أمي…وأثناء الرعي أمسك معزة ولود..فأقوم بنزع الغطاء عن ثديها…وانبطح تحتها ممسكا قطعة الخبز المسروقة ،ثم أفطر كالحيوان
أماه ! الحياة من دونك لا تطاق و الهواء يمر من أنفي بصعوبة …انا قادم اليك ،فلم يتبقى الا يوم واحد وينتهي هذا كله ، مع حب ابنك سيف ”

الانبعاث

لم تستطيع السيدة إمساك نفسها ،و بدأت يداها ترتجفان و هي تردد ..
-يا الهي انه سيقتل نفسه
..جسمها بالكامل بدأ يهتز، و كأن زلزالا قوياً ضرب بداخلها فأيقظ كل مشاعرها الميتة ….أحست أنها وباقي البشر بلا ضمير ،بلا روح ، أنانيون …أحست بالقرف من نفسها لأنها وبخته بتلك الطريقة القاسية ،بالطبع فقد زادت من معاناته ، شعرت أن الرسالة موجهة إليها،
انحنت مرة أخرى نحو الحفرة الصغيرة وسحبت منها باقي الرسائل ، كانت كلها تصف معاناة الفتى وطرق التعذيب الفظيعة التي حصلت من زوجة أبيه ، استنتجت أنه يسكن بأحد المنازل البدوية التي توجد نواحي المقبرة…وأنه كان يراسل أمه لمدة شهر يطلب منها النجدة…وأنه عندما ينتهي شهر سوف ينهي حياته ليلتحق بها .
عزمت السيدة على إنقاذه ..حتى لو اضطرت الى خطفه …
قررت أنها سوف تعود في الغد ..فلقد كتب أنه بقي يوم واحد وينتهى هذا كله…اي أنه سوف يعود غدا ومعه الرسالة رقم ٣٠…
لكنها هذه المرة غيرت شكلها ..لبست لباسا أبيضاً فضفاضاً مطرزاً ببعض الورود…ووضعت وشاحاً أحمر على رأسها كانت تحاول أن تبدو كسيدة لطيفة وطيبة عكس تلك التي وبخته … وصلت صباحاً الى قبر ابنتها فبدأت تحدثها عما جرى للفتى المسكين ، فجأة ظهر في مرمى نظرها…كانت مشيته الثقيلة تدل على أنه في حالة يأس تام…فكرت بعدة طرق لتقترب منه …
إتجه هو نحو قبر امه ثم جلس فوقه..وهو متعب تماما…بدأت تقترب منه بحذر ..منتقلة من قبر الى اخر ، الى أن تبقت بضعة أمتار بينهما ..وعندما استقر جسده على القبر ..فتح محفظته وسحب منها قنينة ماء صغيرة …
شعرت بالقلق ،ماذا لو كانت تلك القنينة تحتوي على السم.. فتح القنينة واطال النظر فيها ثم التفت الى إسم أمه المكتوب في فوق القبر.

إنقاذ الفتى من الموت وعودة إحساس الأمومة

 

وبينما هي تفكر نظرت اليه لتجده قد بدأ الشرب …فهرعت اليه وهي تصرخ باسمه…
قام من مكانه مفزوعا ، فسألها مستغربا
من أنت…؟
فأخبرته أنها من طرف أمه ،جاءت لتنقذه
حينها ردد بفرح أمي….ثم سقط كحمل وديع
اغمي عليه ، فنقلته بسرعة بسيارتها الى المستشفى وقاموا بغسل جهازه الهضمي وتم إنقاذه …فقامت بعد ذلك برفع دعوى ضد أهله على انهم السبب فيما حصل له، و كانت الرسائل بمثابة دليل قاطع على سوء المعاملة التي تعرض لها الفتى ..تم الحكم لصالحها
فربحت حق التكفل به حتى يصل سن الرشد…
أصبحت إمرأة أخرى، أحبت أيامها وكأنها ولدت من جديد … صفحت عن زوجها و ركزت على إعطاء سيف كل ما يحتاجه من رعاية و حب و اهتمام…فكان لها عوضا جميلا على فقدان ابنتها
وكانت له الأم التي كان يناديها منذ عامين .

في أمان الله

قناتي على youtube قناتي على اليوتوب

أرى أن هذه المواضيع قد تهمك:

 

شَـاركِ الْمَوْضُوع: 
إذا أعجبك هذا المحتوى، فلا تَقْرَأْ وتَرْحَل .. تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء. وإِذَا كنت تعتقد أنه قد يكون مفيداً لأشخاص آخرين، فشَارِكْهَ على الشبكات الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 473 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

14 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top